الطلاق في السعودية خلال عشرين سنة (2006 - 2025):
أرقام ودلالات اجتماعية
✍️ زكي بن عبدالرحمن
شهد المجتمع السعودي خلال العقدين الماضيين تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة، رافقتها تغيرات في بنية الأسرة والعلاقات الزوجية، انعكست على مؤشرات مهمة أبرزها معدلات الطلاق. ورغم أن الطلاق ظاهرة عالمية، فإن تتبع تطورها محليًا يساعد في فهم الأسباب والتوجهات ورسم سياسات أسرية واجتماعية أكثر فاعلية.
🧮 أولًا: تطور أعداد الطلاق (2006 - 2025)
اعتمادًا على بيانات الهيئة العامة للإحصاء، والجهات الرسمية ذات العلاقة، فإن عدد حالات الطلاق في السعودية تطور كما يلي:
🎯 بلغ عدد حالات الطلاق في 2023 أكثر من ضعف عددها في 2004، مما يدل على تسارع الظاهرة في بعض الفترات، خصوصًا بعد 2010.
🧭 ثانيًا: تفسير الأرقام وتوزيعها الجغرافي
تشير البيانات الحديثة إلى تفاوت واضح بين مناطق المملكة في نسب الطلاق:
• أعلى نسب الطلاق: الرياض (6.3%)، حائل (6.1%)، مكة (5.6%)
• أقلها: الباحة (4.4%)، عسير (4.9%)، جازان (4.7%)
يُفسر هذا التباين باختلاف العادات الاجتماعية، ومستوى التعليم، ودور الأسرة الممتدة، إضافة إلى تفاوت الخدمات الاجتماعية والاستشارية.
🔍 ثالثًا: العوامل المؤثرة
تراكم الدراسات الاجتماعية أظهر أن أهم أسباب الطلاق خلال العشرين سنة الماضية في السعودية شملت:
1. ضعف التفاهم والتواصل بين الزوجين
2. الزواج المبكر دون وعي كافٍ
3. التدخلات الأسرية المفرطة
4. الضغوط الاقتصادية
5. الإدمان على التقنية ووسائل التواصل
6. العنف الأسري أو غياب الاحترام المتبادل
📉 رابعًا: هل الطلاق في تصاعد دائم؟
رغم أن الأرقام في ارتفاع نسبي، إلا أن نسبة الطلاق إلى الزواج بدأت بالتراجع في السنوات الأخيرة، إذ بلغت:
• 35.4% عام 2019
• ثم انخفضت إلى 27.7% عام 2023
✨ هذا قد يعكس وعيًا متزايدًا، أو فعالية برامج التوعية والإرشاد الأسري، أو حتى ميلًا للتأخر في الزواج إلى حين النضج والاستعداد.
📌 خامسًا: ماذا نستنتج؟
• الطلاق لم يعد “تابو اجتماعي” كما في السابق، بل أصبح قرارًا تلجأ إليه بعض النساء والرجال بعد استنفاد فرص الإصلاح.
• ارتفاع الوعي بحقوق الطرفين، وتمكين المرأة، ساهما في اتساع رقعة الطلاق لكنها أيضًا وفرت بيئة صحية للخروج من علاقات غير مستقرة.
• ما زالت هناك حاجة ماسة إلى توسيع برامج التأهيل قبل الزواج، وتقديم دعم مستمر للمتزوجين الجدد.
✅ توصيات ختامية
1. توسيع برامج “إرشاد المقبلين على الزواج” لتشمل مهارات التواصل وحل النزاع.
2. تفعيل دور مراكز الإصلاح الأسري المجتمعي وربطها بالمحاكم الشرعية.
3. إعداد حملات وطنية لتثمين دور الأسرة وترسيخ ثقافة الحوار داخلها.
4. تحديث المناهج التعليمية لتشمل التربية الأسرية والعاطفية.
الطلاق ظاهرة معقدة، تتأثر بالزمن والتحولات، ولا تُقاس بالأرقام فقط، بل بجودة العلاقات الأسرية واستقرارها. ومع ما تشهده المملكة من تحول اجتماعي سريع، فإن الحفاظ على توازن الأسرة السعودية يتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع والأسرة والفرد.
تعليقات
إرسال تعليق