ظاهرة "المجاملات الاجتماعية"... أروح ويدي فاضية ؟


أشكر الشيخ عادل الكلباني على إستفتاحية هذا الاسبوع بمقولة (أروح ويدي فاضية ؟
كم قَطَعَتْ من الصِّلات!؟
وكم مَنَعَتْ من الزيارات!؟
وكم حَرَمَت من الحسنات!؟


كثيراً ما نشاهد ازدحام محال الهدايا ببعض الشباب والفتيات، وذلك لغرض اقتناء هدية لأصدقائهم أو أقاربهم، بل أن البعض قد يشترط على العامل وضع بعض "الحركات التجميلية" لكي تظهر الهدية مناسبة لحجم ومكانة الشخص المُهدى إليه، وقد يدفع آخرون الكثير من المال لاعتقادهم أن ذلك سيقودهم إلى حجز مكان في قلب من سيهدون إليه، وهنا تبرز ظاهرة "المجاملات الاجتماعية" والتي يصفها البعض ب"المجاملات التسونامية" والتي وصل مداها إلى جميع أفراد المجتمع في السنوات الأخيرة لتشكل ظاهرة باتت من ضرورات العصر!.

إنه لا يمكن لأحد أن يتصور حدوث علاقات بين الأفراد والأصدقاء دون وجود مجاملات اجتماعية تحرك تلك العلاقات، لذلك أضحت المجاملات من الأشياء الضرورية، ومع تطور وازدهار بلادنا تضاعفت وانتشرت بشكل واسع في مختلف بيئات المجتمع.

 أن المجاملات الاجتماعية هي روح الحياة وسر بقائها حية في النفوس، وهي تساند عملية التواصل الاجتماعي وتعتبر نوعاً من العلاقات العامة، فنجاح المرء في هذه الحياة ومن خلال مختلف المواقع يعود إلى المجاملات والعلاقات التي تضفي على الحياة الاجتماعية والعملية زخماً من الحيوية وحتى النجاح، ومع هذا هناك مبالغة مرفوضة لا يجب أن يندفع البعض إليها خصوصاً من لا يملك المال أو القدرة على المنافسة في هذا المجال الواسع، وكما يقول المثل "مد رجولك على قدر لحافك"!.


إن المجاملات ملح الحياة الاجتماعية، وخصوصاً النساء تقبل عليها بصورة كبيرة، فهي التي تؤكد على علاقاتنا مع بعضنا البعض، وهي التي تساعدنا على توثيق عرى العلاقات والصداقة ما بين معارفنا من الأسر والجيران وقبل ذلك الأهل، ولاشك أن المبالغة في المجاملات مرفوضة لأنها سوف تتسبب في ضياع المال خصوصاً إذا صرف بدون تخطيط، مشيرةً إلى أنه رب هدية بسيطة لها تأثير كبير أفضل من هدية ثمينة لا يستفاد منها، وربما تسببت في ضياع نصف الراتب أو حتى كله، وخير الأمور الوسط وأنا شخصياً أضع ميزانية شهرية للمجاملات، لكنها ميزانية معقولة فالمناسبات لدينا كثيرة أكثر من الهم على القلب.


أن هناك من يصرف أكثر من راتبه شهرياً على المجاملات الاجتماعية، وبالرغم كونها شيئاً مطلوباً ومحبباً، شريطة أن لا تتجاوز حدود المعقول وتتسبب في ضياع مصروف الأسرة، حيث أن الذي يحدث مبالغة ومباهاة مرفوضة يقدم عليها الكثير من المجتمع، في محاولة منهم أن يظهر كل واحد منهم على أنه الأفضل والأميز بين أقرانه، وربما كان ذلك على حساب ظروفه وظروف أسرته وإمكاناته وقدراته المادية، مشيرةً إلى أن الكثير من حالات هؤلاء تقبع في السجن نتيجة للديون، وهذا وليد المبالغة في الصرف والمجاملة على حساب القدرة الشخصية المادية.


أن المجاملات مهمة في حياتنا لكنها تؤدي إلى ضياع مكافأتها الشهرية التي تتقاضاها من الجامعة، ولولا أن الوالد ما يقصر ويعطيني شهرياً مصروفاً إضافياً فربما عشت في أزمة، ومع هذا المفروض أن لا نبالغ في المجاملات حتى لا تتحول العملية إلى نوع من النفاق على حساب المبادئ والقيم، وربما قدمنا لشخص مساعدة أو خدمة لا تضر بالآخرين يكون تأثيرها أفضل من هدية على حساب إمكاناتنا، مضيفةً من الجميل أن نحسن التصرف في مختلف أمور حياتنا فهذا أفضل.


وأخيراً، إن المجاملات كلمة ذات أبعاد كثيرة، ولكنها تعني تحسين الصورة والتعبير عن الحب والتقدير، وهذا شيء مطلوب، لكن بصورة عقلانية ومثالية فلا ضرر ولا ضرار، بمعنى يجب ألا نتكلف في أمورنا ونخرج عن المألوف في فن المجاملة، ولا يعني هذا أن نجامل الآخرين على حساب العمل والأمانة والإخلاص، فإن ذلك يعني التفريط في الأمانة وهذا لا يقبله قانون أو نظام، وأن المجاملة تعني التقدير الحسن بصورة بسيطة ومعبرة، بعيداً عن النفاق حتى لا تتحول العملية إلى نوع من المرض الاجتماعي المرفوض.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ أسرة ال جوهر

‎حي العيوني - سكنة عائلات قيادية

قصرك عقلك ..