التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة ديواني “ يا من شرى له من كورونا علّة ”


نسأل الله السلامة من كل علّة ، والعلة ما يصيب الإنسان من مرض يحول قوته إلى ضعف ، وهي ــ أي العلة ــ كل شاغل يشغل الإنسان ويصرفه عن القدرة على تصريف أموره ، ويعوقه عن تحقيق مصالحه ، واولها في الصحة و معوق التنمية حيث تنصرف كل الجهود لتلك العلة ، التي سببت تأخرا في الإنجاز أو فساد في التنفيذ.

والمثل الشعبي يقول : " يا من شرى له من حلاله علّة "

واليوم اطرح لكم مثل شبيه يتصدر ديواني الجديد بعنوان “ يا من شرى له من كورونا علّة ”.

انطلق فيروس كورونا المستجد في نهاية عام 2019م، في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبي وسط الصين، ليحصد آلاف الأرواح، ويوقع كثيرين في حبائله، وينشر الرعب في كل مكان ليس في الصين وحدها بل في بلدان العالم، وامتد تأثيره السيئ إلى البلاد العربية ومنها بلدي، فحشر الناس في بيوتهم، وأخل بإيقاع حياتهم في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.

في خضم هذا الفضاء ظهر الشعر كي يؤدي دوره المفترض في مثل هذه الظروف.فالشاعر،غالبًا،ليسمثل الروائي على سبيل المثال، ينتظر أن تستقر الظاهرة، أو تنتهي حتى يصوغها شعرًا. إنه أشد إحساسًا من غيره من المبدعين، يتأثر سريعًا بما يجرى حوله، فيسيل قلبه صورًا وإيقاعًا ومعاني؛ ليعبر عن معاناته ومعاناة مجتمعه.

في بلدي حرك فيروس كورونا اللعين عواطف الشعراء، فنشروا قصائد لهم في الصحف والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي معبرين عن تضامنهم مع الناس في مواجهة هذا الوباء، ومقاومة انتشاره.

لا شك كورونا

سيمضي راحلًا

والله رحمن رحيم.

وارى في هجوم هذا الفيروس فرصة للإنسان أن يغير من نمط الحياة، وأن يصحو ضميره،فيحسن من سلوكه؛ ويعود إلى طبيعته الإنسانية؛ فهو يحتاج أن يمضي عمره القصير في هدوء وهناء، وأن تخلو حياته ممن يفسدها:

نحتاج أكثر للحياة بلا غبار المسرعين التائهين

نحتاج أكثر من سقوط المجرمين...

نحتاج للعمق المسالم والقديم لكي نشمّ جذورنا

نحتاج أن ننسى ثواني أو عصورا

نحتاج أن يصحو الضمير

فلربما نجد الحياة كما يناسب عمرنا

عمرا ومهما طال في أحلامنا

يبقى قصيرا

وننتقل إلى جو من المرح والدعابة الجميلة، والسخرية اللطيفة من هذا الفيروس وسلالته، وينتقد بلغة قريبة من الناس ممزوجة بألفاظ عامية ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي من حذلقات غريبة لمدعي العلم والفكر حول فيروس كورونا، ويرى ضرورة التخلص من الأخلاق والعادات الغربية، والعودة إلى جذورنا وحياتنا البسيطة التي عكرتها الحضارة الحديثة:

«أباطِرَةُ «التَّفَزلُكِ» أرْعَبُونــــــا/ بِهذا القاتِلِ المَدْعو «كُورُونا»/ وأدْخَلَنا «التَّفصْحُنُ» في جِـدالٍ/ مِنَ التَّهريجِ أعْجَزَ أفْلاطونـا/ نَنامُ على هُراءِ «الفيس» قَتْلـى/ ونَصْحو جـــاهِزينَ لِيَذْبَحونا/ فأصْبَحْنــــا أطبّــــاءً عِظامـــاً/ وبِــــــالإعْلامِ صِرْنَا عَالِمِينا/ وَصَــارَ «مُنَجِّمُ الفنْجـانِ» يُفْتي/ وَصَـــارَ العَالِمُ المُفْتي زَبُونا».

«فَـــوَالله الذي خَلَقَ البَرايــــــــا/ وألْهَمَنــــــا التَّفَكُّرَ أجْمَعينــا/ لَوَ انّـــا نَخْلَعُ الجِلْدَ «الفِرِنْجي» / ونَــــــرْجِعُ لِلحَقيقةِ مُرْتَدينـا/ لأدْرَكْنــــــــا السَّلامَةَ وانْتَهَينا/ مِنَ الغُولِ الذي أكَلَ البَنِينــا».

سيبقى فيروس كورونا يلهب مخيلة الشعراء والفنانين لا في بلدي فحسب بل في مختلف أقطار العالم أيضًا، وننتظر في المستقبل ظهور روايات وأغان ومسرحيات ولوحات تشكيلية تتغنى بانتصار الإنسان على هذا الوباء اللعين.

 
وربما كانت هناك سمات وميزات أبعد أثراً في ذات المتلقي الذي يبحث عن المعنى الأخلاقي وشفافية الكلمة التي يقتنص معناها من تلقاء ذاته .

وهنا مفآجاته الفنية التي تبهج المتلقي وتثير فيه طموحاته إلى تمثل الفن الأسمى في رؤاه ومعانيه وهذا ما يحدو بي إلى أن أضع على مشاعري لهيب صبر الانتظار على صدور ديوان قادم يغني التجربة الفنية للشاعر .
وإذا عرفنا أن نسبة كبيرة من بيئتنا الاجتماعية و بنيتنا التحتية معرضة لتجارب من ليس لديه علم ولا خبرة أكيدة ولا تأهيلا وقد جلبنا هذا لأنفسها مدفوعة كل الأجور من جيوبنا مضاعفة ومكتملة : رددنا المثل الشعبي : يا من شرى له من حلاله علّة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ أسرة ال جوهر

‎حي العيوني - سكنة عائلات قيادية

قصرك عقلك ..