درج الكذب ..



الكذب يكون إما بتزييف الحقائق جزئيا أو كليا أو خلق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين وقد يكون ماديا ونفسيا واجتماعيا. 


ومع ذلك لا نعتبر كل أنواع الكذب متساوية في *السوء أو اللاأخلاقية*، حيث ترتبط هذه المتغيرات *بكمية الأذى* الذي يسببه الكذب، ومنه؛


1- كذب المصالح الشخصية !

حيث يُعد هذا النوع من الكذب استغلاليًا في طبيعتنا كبشر؛ إذ يقول الكاذبون تلك الأكاذيب للحصول أو الحفاظ على مزايا تفوقهم على الآخرين (ومن أمثلة ذلك، كذب الأزواج بأماكن تواجدهم لتفادي المواجهة).


2- كذب من أجل الآخرين !

تُسرد تلك الأكاذيب بدافع مساعدة أو حماية الأشخاص الآخرين؛ إذ توصف هذه الأكاذيب أنها إيثارية المنشأ. من أمثلة ذلك، الأكاذيب البيضاء المحببة لأنفسنا، مثل إخبار شخص ما عن مدى روعة قصة شعره الجديدة وهي في الحقيقة عكس ذلك تمامًا.


فإذا ترتب على الكذب من أجل الآخرين نتائج إيجابية، يُسمح حينها أخلاقيًا بسرد تلك الأكاذيب طالما لم تضر بشخصٍ ما، بل بالعكس ساعدته.


*ومن هنا أشكال عديدة للكذب* :


1- كذب التقليد: يقوم الطفل بملاحظة وتقليد سلوك الوالدين أو المحيطين به.


2- كذب اللذة: يمارسه الشخص لتأكيد قدراته على الإيقاع بالآخرين والنيل منهم، وهو شبيه بالكذب العدواني.


3- الكذب الكيدي: يلجأ إليه لمضايقة من حوله نتيجة مشاعر الغيرة أو إحساسه بالظلم والتفرقة.


4- الكذب العدواني السلبي: يتبنى الشخص أعذاراً غير حقيقية أو مبالغ فيها ليواصل سلبيته عندما يطلب منه عمل ما.


5- كذب التفاخر: يلجأ الشخص لتعويض النقص الذي يشعر فيه بتضخيم ذاته ومكانته الاجتماعية وممتلكاته بين الآخرين.


6- الكذب الإدعائي (المرضي): إدعاء الشخص بأنه مضطهد أو محروم أو يعاني من المرض بهدف الحصول على الرعاية والاهتمام والعطف.


7- كذب الانتباه: يلجأ إليه الطفل والعاجز عندما يفقد اهتمام من حوله رغم سلوكياته الصادقة من أجل نيل الاهتمام والانتباه.


8- الكذب الخيالي: سعة خيال الشخص تدفعه لتحقيق مشاعر النجاح وتحقيق الذات من خلال أوهام ورغبات غير واقعية. فالطفل الصغير لا يميز بين الحقيقة والخيال، ومن هنا فإن كلامه يكون قريباً من اللعب، فيتحدث وكأنه يلعب ويتسلى، ويكون حديثه نوعاً من التعبير عن أحلام طفولته أو ما يطلق عليه (أحلام اليقظة)، التي تعبر عن رغباته وأمنياته التي يصعب التعبير عنها في الواقع. وهذا النوع من الخيال لا يعتبر كذباً، ولا ينذر بانحراف سلوكي أو اضطراب نفسي.  


9- الكذب الدفاعي: يتخلص الشخص من الموقف عن طريق نسبه إلى الآخرين ويعد من أكثر أنواع الكذب شيوعاً بين الأطفال، وتجدر الإشارة إلى أن أكثر ما يدفع الطفل إلى الاستمرار في الكذب هو شعوره بنفعه.


هل الكذب هو الأمر الصحيح دومًا لفعله؟ هل يكون الكَذب في بعض المواقف مُبَرّرًا أخلاقيًا؟ هل يوجد ما يسمى بالأكاذيب الجيدة أو النبيلة؟ ليست تلك الأسئلة المتعلقة بأخلاقيات الكَذب مجرد فضول سخيف نابع من الفلاسفة النظريين؛ بل هي حقًا نتاج لما نعيشه يوميًا.


يُجادل معظم الناس بأن على الأشخاص لسلب بعض المال منهم فعل غير أخلاقي. أيضًا من غير الأخلاقي للطبيب أن يعبث بمشاعر شخص ويخبره أن فردًا من العائلة مات بسرعة وسلام، في حين أنه في الحقيقة مات ببطء، وتجرع كميّة فظيعة من الألم. كذلك الكذب على الأطفال واستدراجهم على ترك شيء يحبونه.  


و اعتقد أنه لا وجود للأكاذيب الجيدة او النبيلة. أن كل الأكاذيب، لا يهم إن كانت تافهة أو حسنة النية، في النهاية ستحدث ضررًا؛ لأن الكذب يدمر الحرية الذاتية؛ وهذا يحدث عن طريق سرقة الحقيقة من شخصٍ آخر؛ إذ تسرق منه فرصته ليصنع قرارًا بحرية ذاتية معتمدًا على حقائق الواقع حينها.


✏️ زكي بن عبدالرحمن 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ أسرة ال جوهر

‎حي العيوني - سكنة عائلات قيادية

قصرك عقلك ..